محمد الزنيني.. الرجل الذي حوّل نبتة “الكبّار” إلى ذهب أخضر يُنقذ الفئات الهشة ويضع المغرب على خريطة الزراعة المستدامة عالميًا
في ظل التغيرات المناخية وتراجع المردودية الفلاحية التقليدية، برز اسم محمد الزنيني كواحد من الفاعلين القلائل الذين آمنوا بأن الحل لا يوجد في الاستيراد، بل في استثمار الذكاء المحلي والموارد الأصيلة. فبفضل رؤيته، تحولت نبتة "الكبّار" من محصول هامشي إلى مشروع اقتصادي رائد، وفّر الآلاف من فرص الشغل، وفتح آفاق التصدير أمام المغرب في أكثر من 35 سوقًا دولية.
بصفته رئيس الجمعية الإقليمية لمنتجي الكبار، ومدير المعرض الوطني للكبار المنظَّم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، قاد الزنيني دينامية قوية لإعادة الاعتبار لنبتة مقاومة بطبعها، لكنها كانت مهمشة لعقود.
تصريحات حديثة من محمد الزنيني
"قبل عشر سنوات، كان الناس ينظرون إلى الكبار كمنتوج موسمي بلا قيمة، اليوم صار رمزًا للفلاحة المستدامة، ومصدرًا للدخل القار لآلاف الأسر"، يقول محمد الزنيني، بنبرة تعكس قناعة راسخة بأن التنمية الحقيقية تبدأ من الأرض
ويضيف: "لم يكن طموحنا فقط تحسين مردودية المحصول، بل جعل من الكبار أداة لتمكين الفئات الهشة، خاصة النساء القرويات والشباب الذين اختاروا البقاء بدل الهجرة نحو المدن"
في النسخة الأخيرة من المعرض الوطني للكبار، الذي نُظم بمدينة آسفي، حضرت شخصيات وطنية ودولية، وتم عرض أحدث تقنيات التحويل الصناعي، وتثمين المنتوج المحلي، بمشاركة أكثر من 50 تعاونية ومقاولة فلاحية
من المحلية إلى العالمية
الزنيني لا يتوقف عند حدود الإقليم. فقد مثّل المغرب في عدة لقاءات دولية، حيث عرض تجربة آسفي كنموذج ناجح في التأقلم مع التغيرات المناخية من خلال زراعة الكبار
"نبتة الكبار ليست فقط زراعة، بل فلسفة حياة. إنها مقاومة للجفاف، قليلة الاستهلاك للماء، غنية بالفوائد الصحية، وتوفر فرص عمل في الحصاد، الفرز، التصبير، والتصدير"، يقول الزنيني
مشروع اجتماعي بامتياز
أكثر من 60 في المئة من العاملين في سلسلة إنتاج الكبار بإقليم آسفي هم نساء. في تعاونية "الضيعة الخضراء"، على سبيل المثال، تعمل أزيد من 80 امرأة في فرز وتغليف المنتوج. "الكبار أنقذني من الحاجة"، تقول خديجة، إحدى العاملات. ووراء هذا التمكين توجد رؤية رجل آمن بأن العدالة الاجتماعية تبدأ من تمكين المرأة القروية
الزنيني يعلّق: "حين ترى نساءً كنّ بدون دخل، واليوم يشرفن على تعاونيات ناجحة ويُصدّرن منتوجهن إلى أوروبا، تدرك أن الكبار ليس مجرد نبات… بل مشروع حياة"
التحديات المقبلة
رغم النجاحات الكبيرة، يرى الزنيني أن الطريق لا تزال طويلة. من أبرز التحديات:
-
الرفع من القيمة المضافة عبر التحويل الصناعي.
-
ولوج أسواق جديدة في آسيا وأمريكا اللاتينية.
-
الاستثمار في البحث العلمي لتطوير سلالات مقاومة.
"حلمي أن تصبح الكبار رمزًا للمنتوج المغربي الذكي، تمامًا كما هو زيت الأرغان أو الزعفران. نحن نملك كل المؤهلات، نحتاج فقط إلى إرادة وطنية حقيقية"، يختتم الزنيني.
خلاصة
محمد الزنيني ليس مجرد فلاح أو رئيس جمعية، بل رجل ميدان صنع من التراب موردًا للحياة، ومن نبتة منسية ثروة وطنية. في زمن الأزمات، لا تزال قصته تذكّرنا أن الحلول العظيمة تنبت في الأرض… وتبدأ من فكرة مؤمن بها.

Leave a Comment